Wednesday, May 30, 2007

الوطن العربى أكبر «منتج» للبطالة فى العالم



يواجه العالم العربي، بمختلف اقطاره، وضعا اقتصاديا مثيرا للكثير من مظاهر القلق من الجهة المتعلقة بقدرات التوظيف والعمالة. ولكن من دون ان ننسى ان الاقتصادات العربية الغنية "التى لا تقل عن غيرها "انتاجا" للبطالة بالنسبة لمجتمعاتها الوطنية" تقوم بتوظيف مئات الآلاف من العمالة الأجنبية.

وتشير احدث التقديرات إلى ان نسب البطالة التى ترتفع فى العالم العربى بنسبة 3 بالمائة سنويا، تبلغ اليوم ما يتراوح بين 20 و25 بالمائة من مجموع الأيدى العاملة، بينما لا يتجاوز متوسط معدل البطالة فى العالم 6 بالمائة، مما يجعل العالم العربى المنطقة التى تضم اكبر نسبة من العاطلين عن العمل.
وكان تقرير لمجلس الوحـــدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية، صدر عام 2004، قدّرت نسبة البطالة فى الدول العربية ما بين 15 و 20%. وكان تقرير منظمة العمل الدولية قد ذكر فى عام 2003، أن متوسط نسبة البطالة فى العالم وصل إلى 6.2% ، بينما بلغت النسبة فى العالم العربى فى العام نفسه 12.2%وتنبأ التقرير بأن يصل عدد العاطلين فى البلاد العربية عام 2010 إلى 25 مليون عاطل. ولعل ما يجعل هذه القضية من أكبر التحديات التى تواجه المجتمعات العربية، حقيقة أن 60% تقريبا من سكانها هم دون سن الخامسة والعشرين.
فى المقابل، تظهر بعض الإحصاءات الدولية أن عدد العاطلين فى العالم العربى قد يقفز إلى 80 مليون عاطل بحلول عام 2020.
ووصفت منظمة العمل العربية، فى تقرير نشر فى شهر مارس- آذار 2005، الوضع الحالى للبطالة فى الدول العربية بانه "الأسوأ بين جميع مناطق العالم دون منازع"، وأنه "فى طريقه لتجاوز الخطوط الحمراء". وقال انه يجب على الاقتصادات العربية ضخ نحو 70 مليار دولار، ورفع معدل نموها الاقتصادى من 3% إلى 7%، واستحداث ما لا يقل عن خمسة ملايين فرصة عمل سنويا، حتى تتمكن من التغلب على هذه المشكلة الخطيرة، ويتم استيعاب الداخلين الجدد فى سوق العمل، بالإضافة إلى جزء من العاطلين.
ويقول خبراء اقتصاديون أن على صناع القرار فى العالم العربي، التخطيط لتوفير ما بين 80 و 100 مليون فرصة عمل حتى العام 2020، حيث يبلغ حجم القوى العاملة فى الوطن العربى حاليا 120 مليون نسمة، يُضاف إليها كل عام ثلاثة ملايين و400 ألف عامل.
ويقول تقرير منظمة العمل العربية أنه لم تعد هناك دول عربية محصنة ضد البطالة كما كان يعتقد قبل سنوات، وبخاصة فى دول الخليج العربي، حيث يبلغ معدل البطالة فى السعودية ـ أكبر هذه البلدان حجماً وتشغيلاً واستقبالاً للوافدين- نحو 15%، وفى سلطنة عُمان 17.2%، وفى قطر 11.6%. أما فى باقى الدول العربية، فلا يختلف الوضع كثيرا.
وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الأجانب العاملين فى الدول العربية يتزايد باطراد؛ فقد بلغ نصف مليون عامل عام 1975، ثم ارتفع إلى 2.5 مليون عام 1983 ثم 5.7 ملايين عام 1993، ووصل إلى 8.8 ملايين عام 2000، وتراجعت هذه النسبة قليلا فى الأعوام الأربعة التالية، ولكنها عادت لترتفع مجددا، حيث تشير التقديرات ان هناك ما لا يقل عن 9 ملايين عامل أجنبي، يتمركز معظمهم فى دول الخليج.
ويقول الباحث الاقتصادى احمد الليثى أن لهذه العمالة، خاصة غير المسلمة تأثيرات سلبية عديدة على الأمن العربى على جميع المستويات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية.
لكن الأثر الأكثر خطورة لها يتمثل فى ارتفاع معدلات تحويلاتها السنوية؛ فقد بلغ حجم المبالغ التى حولها العمال الأجانب من خمس دول عربية 20 مليار دولار عام 2006، متفوقة بذلك على مجموع تحويلات العاملين الأجانب فى الولايات المتحدة التى تعد أكبر دولة مستوردة لقوة العمل الأجنبية.
كما قدرت التحويلات النقدية الخارجية للعمالة الوافدة عام 2005 بنسبة 25% من الإيرادات النفطية السنوية للدول الخليجية، وتتضح خطورة هذه التحويلات بالإشارة إلى مقدار استنزافها لموارد دول الخليج وزيادة هذا الاستنزاف.
ويرجع الليثى تدفق العمالة الأجنبية إلى دول الخليج العربية إلى أسباب عديدة، بعضها تنظيمي، والآخر يتعلق بالعامل الآسيوي؛ مقارنة بالعامل العربي، لكن أبرز هذه الأسباب حرص القطاع الخاص على استقدام العمالة الأجنبية؛ بسبب انخفاض أجورها وتحملها ظروف العمل القاسية، كما أنها أكثر طاعة وانضباطًا وذات إنتاجية مرتفعة.
وتتفاقم مشكلة البطالة فى فلسطين والعراق، حيث يقدر باحثون أن نسبة الشباب العاطلين عن العمل تصل إلى 60%، وأن تنامى معدل البطالة يرجع إلى أسباب استراتيجية، وهى أن اقتصاد البلدين يواجه صعوبات كبيرة فى توفير فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى غياب البيئة الاستثمارية المناسبة لخلق فرص عمل جديدة، وبخاصة بعد قيام قوات الاحتلال الأميركى فى العراق بحل كثير من المؤسسات الحكومية والجيش والشرطة العراقية، مما أدى إلى تسريح ملايين العاملين.
وتصيب البطالة الشرائح الاجتماعية بشكل غير متساو، فغالبا ما تتركز معدلات البطالة المرتفعة بين اوساط الشباب، ومن شأن استمرار البطالة لفترات طويلة داخل هذه الشريحة ان تؤدى الى ما يعرف بالاقصاء الاجتماعي، كما ان الاسر ذات الدخل المنخفض غالبا ما تكون من بين اكبر ضحايا البطالة، لان خسارة الوظيفة او الاخفاق فى العثور على عمل بين اوساط هذه الشريحة يعنى تقليص الموارد لمجموع افراد الاسر.
الى جانب ذلك فإن الافراد الذين يفتقرون الى المهارات والمعارف التى تساعدهم فى العثور على الوظائف غالبا ما يتركزون داخل هذه الشريحة.
ولاتقتصر آثار البطالة على تقلص موارد الاستهلاك بل تمتد الى تشكيل تربة خصبة لظواهر العنف والاضطراب الاجتماعى .
ويمكن للبطالة ان تؤدى الى امراض اجتماعية تظهر بشكل تفشى الفقر والادمان والتشرد والبغاء وتشكيل عصابات الاجرام، الى جانب انتشار المشكلات الصحية وسط الاطفال وشيوع مظاهر التوتر والتحلل العائلى بل وحوادث الانتحار.
ويرى بعض المراقبين أنه لم يعد فى مقدرة الدول العربية ـ كل على حده ـ معالجة مشكلة البطالة، بسبب الحاجة إلى فتح الأسواق وإلغاء الحواجز على التجارة البينية من جهة، والتكتل الاقتصادى العربى المشترك من جهة أخرى.
وعلى هذا الأساس، فان الحاجة لوضع رؤية جديدة للعمل الاقتصادى العربى تبدو اليوم ضرورة ملحة أكثر من أى وقت مضى. ويتطلب ان تتواكب هذه الرؤية مع التطورات الاقتصادية العالمية خاصة وان السير فى طريق التطورات والتكتلات الاقتصادية الكبيرة ليس فقط لتحقيق مزايا التكامل الاقتصادى بل لاستثمار الثقل الجماعى العربى فى التعامل مع الاقتصاد الدولي.
وكانت احصائية صادرة عن اتحاد المصارف العربية، كشفت ان ربع سكان العالم العربى يعيشون تحت خط الفقر، فى الوقت الذى يستحوذ فيه نحو 200 ألف مليونير على ثروة تصل الى نحو 800 مليار دولار.
وتتفاوت معدلات البطالة من دولة عربية لأخرى؛ ففى الدول ذات الكثافة السكانية العالية، ترتفع حدة الظاهرة؛ حيث تبلغ 20% فى اليمن، و21% فى الجزائر، و17% فى السودان، و9% فى مصر، و8% فى سورية. وفى المقابل تنخفض فى دول الخليج العربى ذات الكثافة السكانية المنخفضة؛ ففى سلطنة عمان يوجد نحو 330 ألف عاطل عن العمل، وفى السعودية نحو 700 ألف، وفى الكويت يصل العدد إلى 3 آلاف فقط.
ويقول باحثون اقتصاديون ان هناك قواسم مشتركة أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة فى الدول العربية أهمها: الأمية، وتدنى المستوى التعليمي، وتخلف برامج التدريب، وعدم مواكبة السياسة التعليمية والتدريبية لمتطلبات سوق العمل المتجددة والمتغيرة.. وإلى جانب هذه القواسم المشتركة يرجع الخبراء تفشى ظاهرة البطالة فى العالم العربى إلى الأسباب التالية:
أولاً: فشل برامج التنمية فى العناية بالجانب الاجتماعى بالقدر المناسب، وتراجع الأداء الاقتصادي، وتراجع قدرة القوانين المحفزة على الاستثمار فى توليد فرص عمل بالقدر الكافي، إضافة إلى تراجع دور الدولة فى إيجاد فرص عمل بالحكومة، والمرافق العامة وانسحابها تدريجيًا من ميدان الإنتاج، والاستغناء عن خدمات بعض العاملين فى ظل برامج الخصخصة والإصلاح الاقتصادى التى تستجيب لمتطلبات صندوق النقد الدولى فى هذا الخصوص.
ثانيًا: ارتفاع معدل نمو العمالة العربية، مقابل انخفاض نمو الناتج القومي؛ ففى الوقت الذى يبلغ فيه نمو العمالة 2.5 فى المائة سنويًا، فإن نمو الناتج القومى الإجمالى لا يسير بالوتيرة نفسها، بل يصل فى بعض الدول العربية إلى الركود، وأحيانًا يكون سالبًا؛ فالدول العربية التى يتوافر فيها فائض العمالة تعانى من الركود الاقتصادى وعدم توافر أموال الاستثمار، وازدياد البطالة والديون؛ حيث يصل معدل النمو السنوى لدخل الفرد العامل فى مصر إلى 2.1 %، وفى المغرب 3.5 %، وفى الأردن 3.6 %، وفى سورية 5%.. وهذا التراجع فى مستوى معيشة العامل العربى له آثاره السلبية على إنتاجيته ودوره فى الاقتصاد الوطني.
ثالثًا: استمرار تدفق العمالة الأجنبية الوافدة، خاصة فى دول الخليج العربية النفطية.
وكان من بين الآثار السلبية لهذه العمالة: تفشى البطالة بين الشباب الخليجى فى ظل تشبع القطاع الحكومى والتباين فى الأجور وشروط العمل بين العامل الوافد والوطني؛ مما أدى إلى عدم النجاح الكامل لسياسات توطين الوظائف.
وتتباين تجارب الدول العربية فى علاج ظاهرة البطالة حسب ظروف كل دولة ومدى تفاقم الظاهرة بها من عدمه؛ فالدول الخليجية- على سبيل المثال- لجأت إلى توطين العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية تدريجيًا، محققة نجاحًا ملموسًا فى هذا الشأن.
أما الدول التى تتفاقم فيها الظاهرة؛ فقد انتهجت سياسة متعددة الأبعاد لإيجاد حلول للظاهرة من خلال تشجيع إنشاء الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وحث الشباب للتوجه للعمل الخاص، أو من خلال إنشاء المشروعات القومية الكبرى القادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الداخلين إلى سوق العمل سنويًا.
ويقول الباحث الاقتصادى محمد شعبان ان مشكلة البطالة تعد بمثابة قنابل موقوتة تهدد الاستقرار فى العالم العربي. ويقول شعبان انه: أيًا كانت التجارب العربية للتصدى لها، فإن المطلوب وضع إستراتيجية عربية شاملة فى هذا الشأن آخذة فى الاعتبار عدة أمور منها:
أولاً: ضرورة الإسراع بإنشاء السوق العربية المشتركة التى طال انتظارها؛ لأن إنشاءها يساعد فى تشجيع تبادل الأيدى العاملة، وانتقال رؤوس الأموال بين الدول العربية، بما يؤدى إلى التقليل من حدة الظاهرة.
ثانيًا: تعريب العمالة العربية، وهى مرحلة تالية للتوطين، ويتم ذلك من خلال إحلال العمالة العربية محل العمالة الأجنبية فى الدول العربية التى تعانى من نقص فى تخصصات ومهن معينة، مثل دول الخليج العربية.
ثالثًا: تحسين الأداء الاقتصادى العربي، وتحسين مناخ الاستثمار فى الدول العربية، وإزالة القيود التنظيمية والقانونية التى تحول دون اجتذاب الأموال العربية فى الخارج، والتى يقدرها بعض الخبراء بنحو 800 مليار دولار، ولا شك أن عودة هذه الأموال للاستثمار فى الدول العربية سوف يساهم فى كبح جماح مشكلة البطالة، ويساعد على توفير فرص عمل لا حصر لها للشباب العربي.

5 comments:

خالد حفظي said...

الإهتمام بمثل هذه القضايا هام جدا ومؤثر في نهضة الأمة .. جهد مشكور ولكن بعضا من الأمل أرجوك

Ahmed said...

اسمحلي اخي احييك على البوست القوي
لكن مع الأخذ في الاعتبار ان الوطن العربي
مش دايما او مش كله منتج للبطاله
فهناك اعلام كثيرة ونوابغ
شروفوا عالمنا العربي في بلاد الغرب
يمكن نسبة قليلة لكن موجودة
واكتر منها منتظرة فرصة
تحياتي

Unknown said...

أنا معجب كثيرا بهذا البوست بسبب نواحي عديدة
أولا, الموضوع الحساس و المخيف فعلا! و ثانيا طريقة الكتابة المتناسقة و البسيطة
و موضوعاتك كلها رائعة و جريئة

ahmed mefrh said...

و ايضا الوطن العربى اكبر منتج للبطاطا فى العالم
و ايضا للكوسه

ahmed mefrh said...

اخشى اننا منتجون للتخلف بكل انواعه العلمى و الثقافى و الاجتماعى ايضا

البطاله ماهى الا رافد من روافد تخلف المجتمع العربى اخى


تحياتى اليك و الى تقريرك

ابو مفراح